منذ عدة سنوات لم تكن الأخطار المحيطة بأطفالنا شديدة الى الحد الذي وصلت اليه الآن . حيث كانت نسبة انتشار الأخلاق الحميدة و الفضائل أعلى بكثير ربما هذا ما يبرر للأمهات خوفهن على اولادهن بصورة كبيرة.
لكن كما أنه إذا زاد أي شيء عن حده انقلب ضده ، فالخوف المبالغ فيه قد يتحول يوما ما إلى جنون سيطرة و يؤذي اطفالك . فقد تتسببين بمبالغتك في الوقاية في حرمان طفلك من بعض الخبرات الهامة التي سيبني عليها مستقبله كاملا . و من هذه المبالغات الخطيرة عليكِ و على طفلك ، هي منع الطفل من التعامل مع أطفال آخرين خشية اكتساب بعض السلوكيات السلبية منهم .
ان الأهل دائما ما يعتقدون ان العناية بطفلهم لا يمكن ان تكون صحيحة الا ان كانوا هم المسؤولون عنها . و هذا أمر صحيح من جهة ان ما يتلقاه الطفل من الحنان والعطف من قبل والديه منذ سنواته الأولى لا يمكن استبداله بأي حال من الأحوال . فهذه الرعاية الأولى هي ما تجعل الطفل يشعر بانه محبوب و ذو قيمة ، وبالتالي يجعله شخصا ذو قيمة حقيقية في المجتمع حين يكبر.
مم لاشك فيه ان حبك الغير مشروط ورعايتك لطفلك لا تساويهما أي رعاية أخرى . لكن هل فكرتي في شكل الرعاية التي سيتلقاها الطفل فور انتقاله الى الحضانة او المدرسة ؟ ان التأكد من سلامة النظام المتبع في المكان الذي تدعين فيه طفلك لساعات لهو أمر مهم للغاية ، ويساعد بشدة في مساعدتك على ترك الطفل مع أطفال آخرين يتواصل معهم و يحصل على الخبرة المعرفية اللائقة بعمره .
فالأم مهما بلغت من الثقافة و التعلم ، لن تستطيع ان تكون كل شيء في حياة ابناءها . لذلك اصبح عندنا المعلمين و مدربين التواصل و التنمية البشرية و الحقيقة هي انه لولا وجود رعاية من جهات مختلفة في مدارسنا و مراكزنا حين كنا أطفالا ، لما صار منا المعلم والطبيب و الخبير التكنولوجي و المحاسب وخلافه .
لتعلمي ايضا ان توفر الرعاية النهارية للأطفال من سن 3 سنوات هي فرصة كبيرة لنمو وتطور طفلك الصغير . حيث يحصل على التوجيه و الإرشاد من قبل مهنيين متخصصين في فنون و آداب التربية . و هم مدربون بحيث يستطيعون التعامل مع جميع المشاكل السلوكية الخاصة بالأطفال .
و علاوة على ذلك ، فان هذه المراكز و المنشآت توفر لطفلك الفرصة للتواصل مع أطفال آخرين من نفس العمر في اطار صحي خال من الشوائب و الكوارث السلوكية . وهذا ينمي مهارة التواصل الإجتماعي لدى الطفل منذ صغره ليكون قادرا على التفاعل مع المجتمع حين ينتقل الى عالم البالغين . فاذا كان طفلك وحيدا او يكبره اخوته بأعوام عديدة فعليك التفكير بشكل جدي في إلحاقه بإحدى مراكز رعاية الأطفال .
أمر آخير هام يدعوكي لترك طفلك يتفاعل مع المجتمع منذ سنينه الأولى هو انه – حتى وان كان ذلك يزعجك – لا مفر من خروجه للعالم ، الى المدرسة أولا و من ثم الى الجامعة ومجالات العمل المختلفة . كما ترين سيخفف التحاقه بمركز رعاية منذ سن صغيرة صدمة انضمامه للنظام المدرسي الصارم و ما يليه . فانخراطه مع أطفال آخرين سيؤهله للتعود على مشاركتهم في الأنشطة المدرسية المختلفة خاصة , و انشطة الحياة عامة .