الأمومة مسئولية كبيرة فهى تحتاج لكل الوقت من جانب الأم، وهناك العديد من العوامل التى تلعب دوراً فى تحديد الوقت المناسب لتحمل هذه المسئولية. ليس هناك توقيت سليم أو توقيت خطأ للإنجاب – لكن يرجع الأمر لك ولزوجك ومن المهم أن تتفقا على أغلب الموضوعات الأساسية الخاصة بهذا القرار وأن تتناقشا فى أوجه الاختلاف فى وجهات نظر كل منكما قبل أن تتخذا هذا القرار.
تنصح د. كمينى نايك – طبيبة أمراض النساء والتوليد– الزوجين قائلة: “إن قرار الإنجاب يجب أن يكون نابعاً منكما أنتما الاثنين وليس كنتيجة لأى ضغوط عائلية أو اجتماعية تتعرضان لها. تفهما جيداً قراركما ومغزاه. قبل أن تحملى، فكرى فى كل الأمور التى قد تتأثر بمثل هذا القرار، سواء الأمور النفسية، الصحية، المادية، أو حتى أسلوب حياتك نفسه، واسألى نفسك إن كنت مستعدة لكل هذه التغيرات؟”
بعد خبرة 30 عاماً فى مجال طب النساء والتوليد، توصلت د. كمينى إلى أن السن المناسب للإنجاب يختلف من ثقافة إلى أخرى. فى الدول الغربية تفضل السيدات الاستقرار والإنجاب فى مرحلة متأخرة نسبياً لأنهن تضعن الأولوية الأولى قبل ذلك للعمل والتعليم. لكن فى بعض الدول الأخرى، تتزوج الفتيات فى سن صغير وترغبن فى الإنجاب فى أسرع وقت.
توضح د. كمينى قائلة: “لقد تغيرت أفكار الناس الآن، وأصبحت الأسر أكثر وعياً بالأضرار الصحية التى قد تنتج عن الحمل فى السن المبكر وأصبحت أكثر تفهماً لأهمية التعليم والعمل. وكنتيجة للحملات الإعلامية، أصبحت السيدات تفضلن الانتظار لوقت أطول قبل إنجاب طفلهن الأول.”
هل يؤثر عمر الحامل عليها أوعلى جنينها؟
أياً كان سن الزوجة، يجب أن يكون لديها الاستعداد النفسى لبدء تكوين أسرة لأن هذا الاستعداد النفسى سيساعد على تقليل الضغوط المتعلقة بالحمل والولادة لأن الضغوط النفسية قد تضر الحامل وجنينها سواء قبل الحمل، أو أثنائه أو بعده. إن تعرض الأم لضغوط نفسية أكثر من اللازم يزيد من احتمال حدوث ولادة مبكرة، ولادة طفل قليل الوزن، وقد يؤدى أيضاً إلى الإجهاض.
عندما يكون سن الأم أصغر من اللازم قد يمثل الحمل خطراً عليها وعلى جنينها. حتى تحت أفضل الظروف، فإن الحامل صغيرة السن خاصةً قبل سن 17 سنة تكون أكثر عرضة من الحامل فى سن العشرينات للمشاكل المتعلقة بالحمل والولادة مثل المشاكل التى قد تنتج عن ارتفاع ضغط الدم الناتج عن الحمل (بما فى ذلك تسمم الحمل)، الإجهاض، زيادة الوزن، السكر، والأنيميا. من الأفضل إذاً تجنب الحمل فى السن المبكر أكثر من اللازم.
فى سن العشرينات تكون السيدة مستعدة تماماً للحمل من الناحية البيولوجية. لكن تبدأ القدرة على الإنجاب فى التناقص بدءاً من سن 35 سنة. من الطبيعى أن تستغرق السيدة فى منتصف الثلاثينات أو أكثر وقتاً أطول حتى يحدث الحمل عن السيدة فى سن أقل من ذلك. إن الحمل فى هذا السن المتقدم قد يعرض الأم وجنينها لاحتمالات أكبر لحدوث مشاكل مثل إصابة الأم بارتفاع فى ضغط الدم، أو تعرضها للإجهاض، بالإضافة إلى احتمال حدوث مشاكل فى الناحية التكوينية للجنين. لكن مع تقدم الرعاية الطبية والتكنولوجيا، أصبح أكثر أماناً اليوم عن ذى قبل أن تحمل السيدة فى عمر أكبر من 35.
بداية صحية
تبدأ أعضاء الطفل فى التكوين خلال الأربع أسابيع الأولى من الحمل ربما حتى قبل أن تكتشف الأم أنها حامل. إن صحة الزوجين قبل الحمل تؤثر على صحة الجنين. هناك بعض الأشياء التى يمكنكما القيام بها حتى قبل الحمل.
أياً كان عمر السيدة، يجب أن تقوم باستشارة طبيب أمراض النساء والتوليد قبل أن تقرر الحمل، فإن هذه الزيارة تساعد على التأكد من أن الأم فى أفضل حالة صحية ممكنة قبل حدوث الحمل. استوضحا أنت وزوجك من الطبيب عن أى شئ يشغلكما بخصوص الحمل.
ساعدى الطبيب على فهم حالتك بشكل أفضل عن طريق مناقشته فى أى مشاكل صحية تعانين منها مثل السكر أو الضغط على سبيل المثال. هذه الحالات تكون أكثر شيوعاً فى السيدات فى أواخر الثلاثينات وفى الأربعينات عنها فى السيدات الأصغر سناً مما قد يعرض الحامل وجنينها للخطر.
إن اتباع القواعد الصحية الأساسية أمر هام وبوجه خاص بالنسبة للسيدات فوق 35 سنة.
· تجنبى الضغوط العصبية والنفسية.
· تناولى الطعام الصحى، وحافظى على الوزن المناسب وعلى لياقتك.
· توقفى عن التدخين أو التواجد فى أماكن بها تدخين.
· لا تشربى الكحوليات.
· تحدثى مع طبيبك عن تاريخ عائلتك الطبى، وما إذا كانت بالعائلة أى حالات ولدت بعيوب معينة.
· احصلى على الرعاية اللازمة والمنتظمة من بداية الحمل.
يساعد حمض الفوليك إذا أخذ فى بداية الحمل على الحماية من حدوث عيوب فى مخ الجنين أو الحبل الشوكى. ينصح بالبدء فى تناول 400 ميكروجرام من حمض الفوليك يومياً قبل الحمل بثلاثة أشهر – بعد استشارة الطبيب.
الحمل الذى يتطلب رعاية خاصة
أغلب السيدات فى سن 35 وحتى أول الأربعينات تتمتعن بحمل صحى. لكن كلما تقدم السن كلما زاد احتمال التعرض لمشاكل معينة. إذا كان سنك أكثر من 35 سنة وحامل – أو إذا كانت صديقة لك فى هذه الظروف – فينصح بشدة بالرعاية السليمة أثناء الحمل واتباع القواعد الصحية السليمة. إن المتابعة الطبية الدقيقة للأم حتى من قبل الحمل يمكن أن تقلل من احتمال حدوث المشاكل الناتجة عن السن. أخبرى طبيبك بأى مشاكل صحية تعانين منها أو أى عادات سيئة تمارسينها (مثل التدخين). من الطبيعى أن يكون الطبيب محل ثقة، فأى أمور تطلعينه عليها سيكون أميناً عليها ولكنها ستساعده على فهم أسلوب حياتك وبالتالى سيعمل على ضمان حصولك أنت وجنينك على أفضل رعاية ممكنة.
الحمل فى السن الكبير يجعل الأم أكثر عرضة للإجهاض بنسبة 25%. أغلب حالات الإجهاض تحدث فى الثلاث شهور الأولى من الحمل (12 أسبوع) وتكون عادةً نتيجة حدوث التهابات، مشاكل فى الهرمونات، أو مشاكل أخرى تحدث للأم. السيدات فى هذه السن تكن أيضاً أكثر عرضة للإصابة بسكر الحمل أو ارتفاع فى ضغط الدم الناتج عن الحمل مما قد يؤدى إلى حدوث مضاعفات أخرى.
هناك احتمال أيضاً أن تصاب الحامل بتسمم الحمل، وهى حالة قد تمثل خطورة على الأم والجنين. من العلامات الرئيسية للإصابة بتسمم الحمل هو حدوث ارتفاع فى ضغط الدم ووجود بروتين فى البول. قد يحدث أيضاً تورم فى اليدين والقدمين، زيادة مفاجئة فى الوزن، رؤية مشوشة، صداع شديد، دوار، وألم شديد فى البطن (تحدثنا عن موضوع تسمم الحمل بتوسع فى العدد الماضى). رغم أن توليد الحامل هو العلاج الوحيد لتسمم الحمل، إلا أنه فى بعض الحالات البسيطة قد يوصى للحامل بالراحة فى السرير فى البيت أو فى المستشفى خاصةً إذا كان الجنين لا يزال يحتاج لوقت أكثر فى رحم أمه لكى يكتمل نضجه. نادراً ما يظل ضغط الأم مرتفعاً بعد خضوعها للرعاية الطبية اللازمة، لكن إذا حدث ذلك، يتم توليد الأم لتجنب حدوث أى مشاكل خطيرة لها مثل السكتات، أضرار للكبد، أو تشنجات.
هناك حالة أخرى قد تتعرض لها الحامل وهى تحرك المشيمة إلى أسفل. تحدث هذه الحالة عندما تغطى المشيمة كل أو جزء من الفتحة الداخلية لعنق الرحم (الفتحة التى يخرج منها الجنين من الرحم أثناء الولادة)، ويمكن أن تكتشف هذه الحالة أثناء عمل أشعة الموجات فوق الصوتية. فى حوالى 90% من هذه الحالات تتلاشى هذه المشكلة وحدها. فى بعض الحالات قد تؤدى هذه الحالة إلى حدوث نزيف مهبلى لا يصاحبه ألم مما قد يتطلب الإقامة بالمستشفى فى أواخر الثلاث شهور الأخيرة من الحمل. فى حالة احتمال حدوث نزيف شديد، يتم إجراء ولادة قيصرية للأم حفاظاً على حياتها وحياة الجنين.
أظهرت الأبحاث أن السيدات الأكبر سناً قد يعانين من طول مدة المرحلة الثانية من المخاض مما قد يؤثر على الجنين. كما قد يحدث المخاض فى وقت مبكر و/أو ولادة طفل قليل الوزن. هذا يزيد من احتمال اللجوء لاستخدام الجفت أو الشفاط أثناء الولادة الطبيعية أو قد يتم اللجوء إلى ولادة قيصرية.
كلما كبرت السيدة فى العمر لا يتم انقسام البويضات بنفس الكفاءة كما كانت فى السن الأصغر وقد تحدث مشاكل فى تكوين الجنين. أكثر هذه المشاكل شيوعاً هى ولادة طفل يعانى من “متلازمة دوان”. تحدث “متلازمة داون” نتيجة وجود كروموزوم زائد مما يؤدى إلى إصابة الطفل بتخلف عقلى وعيوب فى القلب وأعضاء أخرى. يزيد هذا الاحتمال مع ازدياد عمر الأم فوق 35 عاماً. هناك نوعان من التحاليل والتى يمكن إجراؤها فى وقت مبكر نسبياً من الحمل للكشف عن وجود خلل فى الكروموزومات – مثل الخلل الذى يؤدى إلى حدوث “متلازمة دوان”.
السيدات اللاتى تخضعن منذ بداية الحمل للرعاية الطبية اللازمة عادةً ما يتمتعن بحمل صحى وأطفال أصحاء. تأكدى من مواظبتك على مواعيد المتابعة عند الطبيب حتى لو كنت لا تشعرين بأى مشاكل، فهو أمر غاية فى الأهمية من أجلك ومن أجل جنينك.
المصدر :