يحتار المرء في تفسير تميز اللؤلؤ عن بقية الأحجار، أهو نتيجة صعوبة استخراجه وما يتخلل العملية من مخاطر؟ أم بسبب لونه الأبيض الملائكي الفريد وما يوحي به من براءة وجمال؟ مهما كانت الأسباب، لا يسعنا إلا الانبهار بهذا الحجر الذي دخل عالم الموضة من بابه العريض، لما يعكسه من سحر، خاصة على المرأة.
منذ العشرينات من القرن الماضي، وهذه الحبة الصغيرة المستديرة المتعددة الألوان تلعب دورا مهما في عالم الموضة. أسطورتها بدأت مع «كوكو شانيل» التي جعلتها واحدة من علاماتها التجارية وكانت تمزج الأصلي بالصناعي بشكل واضح.
واستمر بعدها المشوار مع أهم نجمات العالم وسيدات المجتمع المخملي. فمثلا، صار هذا الحجر الرفيق الدائم لمارلين مونرو وإليزابيث تايلور وأودري هيبورن. ولم يقتصر الأمر على النجمات بل حتى على العائلات المالكة، بدءا من الملكة إليزابيث، إلى أميرة ويلز الراحلة الليدي ديانا، وقبلها أميرة موناكو الراحلة غريس كيلي، التي رأته ملائما مع لونها المفضل الرمادي.
ومن أوروبا انتقل إلى القارة الأميركية حيث تبنته سيدات البيت الأبيض، مثل جاكلين كينيدي التي جعلته مرافقا وفيا لها في جولاتها الرسميّة والخاصة، كذلك باربرا بوش، زوجة الرئيس جورج بوش الأب، ومؤخرا برز مع ميشال أوباما في العديد من المناسبات.
ما قامت به «كوكو شانيل» في بداية العشرينات وميشال أوباما مؤخرا أنهما جعلتاها أكثر ديمقراطية يخاطب شرائح كبيرة من النساء، إذ ليس من المفترض أن يكون حقيقيا لكي تتألق به المرأة، بل يمكن أن يكون اصطناعيا للزينة ويقوم بنفس الدور ويكون له نفس التأثير.
أما بالنسبة للواتي لا يملن إليه كإكسسوار موضة، فهناك «لؤلؤ المزارع»، وهو لؤلؤ حقيقي وطبيعي يستخرج من المحار أيضا، ولا يمكن تمييزه عن اللؤلؤ الطبيعي إلا بفحوص تجرى في المختبرات، وطبعا هو أرخص.
وهنا أيضا تكمن ديمقراطيته وشعبيته. أما للواتي لا يقبلن إلا بالأصلي والمتميز، فإن بيوت مجوهرات عريقة مثل «كارتييه»، «فان كليف أند أربلز» بل حتى مجوهرات «شانيل» الراقية تشمل مجموعة تقفز لها القلوب بعضها أضيفت عليه أحجار الألماس وبعضها يقف مزهوا لوحده في بياضه.
الجميل فيه أيضا ألوانه التي تتدرج من الأبيض الناصع والزهري والبني والأخضر والفضي وغيرها، وذلك يعود إلى التطور الكبير الذي شهدته تقنيات استخراجه والعمل عليه. لكن عند اختياره، فإن المهم ليس تنسيقه مع لون الأزياء، بل مع لون البشرة، فالشقراوات يناسبهن الأبيض المائل إلى الزهري، خصوصا اللواتي تميل بشرتهن إلى الاصفرار، فيما تناسب صاحبات البشرة السمراء تدرجات الذهبي بما فيها البني والنحاسي، وذوات البشرة البيضاء، تدرجات الفضي.
وتجدر الإشارة إلى أنه عند شراء اللؤلؤ بشكل عام، يفضل الحرص على عدم اقتناء الأنواع التي تظهر صبغاتها بشكل ملحوظ، كما يجب وضعه في علب محكمة الإغلاق حتى لا يتغيّر لون حباته مع مرور الزمن فيفقد قيمته.
– أساطير روايات عديدة ارتبطت باللؤلؤ، فعند الشعب الإغريقي كان له قدرة على إضفاء السعادة والحيوية على الحياة الزوجيّة، وكان الفرسان يقدمونه لزوجاتهم بعد عودتهم من القتال خلال الحروب الصليبيّة. أما في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، فاحتل مكان الأزهار، لتزيين صالات الأفراح.
– عقد أو أقراط من اللؤلؤ من الإكسسوارات الكلاسيكية التي لا تذهب موضتها، ويجب على كل امرأة أن يتوافر لديها واحدة منها على الأقل باللون الأبيض، لأنه يصلح مع الأزياء الرسمية كما مع فساتين السهرة، ويمكن أيضا استعماله في الأفراح والأتراح على حد سواء.
– تجدر الإشارة إلى أن أفضل أنواع اللؤلؤ تكون عادة بيضاء اللون وفي بعض الأحيان تكون بلمسة عاجية اللون أو بدرجة زهرية خفيفة قد تشوبها لمسة من اللون الأصفر والأخضر أو الأزرق والبني، أمّا الأغلى ثمنا فهي اللآلئ السوداء بسبب ندرتها.
– مثل الماس، يتماشى مع كل المناسبات وأغلب الأزياء، وإن كان يتفوق على الماس، من حيث أنه يليق حتى بمناسبات الحداد في الغرب. ففيما لا نرى نساء تلبس مجوهرات مرصعة بالفستان مع الفستان الأسود، نجد أن عقدا من اللؤلؤ مقبول اجتماعيا.
تستخرج اللآلئ الطبيعية من الخليج الفارسي وخليج المنار (المحيط الهندي) والبحر الأحمر، كما توجد لآلئ المياه العذبة في أنهار أسكوتلندا وايرلندا وفرنسا والنمسا وألمانيا والميسيسيبي في الولايات المتحدة الأميركية.
وعلى الرغم من أن الصين استخدمتها لمئات السنين، فإن اليابان تعد الرائدة في العالم في إنتاج اللآلئ المزروعة في المياه المعدنية والمالحة. أما كيفية زراعة اللؤلؤ فتتم بوضع جسم غريب في داخل المحارة قبل أن تعاد إلى الماء، ويبدأ تكون اللؤلؤة.
وتتمتع اللآلئ المزروعة بنفس البريق اللؤلؤي الطبيعي، ونتيجة تكونه داخل أصداف المحار، يتميز بأنه حجر كريم لين نوعا ما يمتص الضوء ويعكسه أيضا، بعكس الجواهر المعدنية الأخرى الصلبة التي تعكس الضوء فقط. وتعتبر البحرين أم اللؤلؤ إذا صح القول، في العالم العربي، ويمثل لها أكثر من مجرد صناعة أو تجارة، فهو تاريخ وتراث تسعى لتصنيفه كجزء من التراث العالمي.
مؤخرا شاركت المصممة البحرينية الشيخة شيماء المنصوري، في أسبوع الموضة «ألتامودا – الليلة الشرقية» السابعة في عاصمة الأناقة والموضة روما، وتميزت أزياءها ببريق الكريستال واللؤلؤ البحريني، وما هذا إلا دليل قاطع على حفاظ المصممين البحرينيين على هذا التراث العظيم.