إن تقديم العلاج الجيد مع توفير أقصى راحة نفسية لمريض الأسنان دون الشعور بالألم أو حتى التفكير به، هو هدف يسعى إليه كثير من أطباء الأسنان في العصر الحديث، ولذلك نجد أن عيادات الأسنان الخاصة تتسابق في إعلاناتها على رفع شعار «من دون ألم»، وذلك لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المرضى.
ومازال الكثيرون يتأزمون لدى زيارتهم لطبيب الأسنان، وذلك خوفا من الشعور بآلام الحفر وحقنة التخدير إلى الحد الذي يجعلهم ينفرون من عيادات الأسنان، ولا يذهبون إلى طبيب الأسنان إلا في حالات الطوارئ المتقدمة والمصاحبة بآلام شديدة وبتسوسات عميقة قد لا ينفع معها سوى الخلع.
الطرق المتاحة والمتبعة للتخفيف من آلام الأسنان أثناء علاج الأسنان:
– الأدوية العادية المسكنة للألم، وتعتبر من أكثر الطرق شيوعا، ويستخدمها الجميع، ومن أشهرها البروفين والفولتارين والأسبرين والأسيتامينوفين، والمعروف بالبنادول، وهذه المسكنات مناسبة جدا لآلام الأسنان البسيطة إلى المتوسطة، ولكنها لا تنفع مع الآلام الشديدة والمصاحبة بالتهاب العصب أو خراج مقفول، أو غير ذلك من أمراض الأسنان شديدة الألم.
وأفضل هذه المسكنات البروفين، وأقلها تأثيرا البنادول. ويجب أن يكون استخدام هذه المسكنات أن يكون تحت إشراف الطبيب وألا يكون لفترات طويلة، والأهم في ذلك كله تشخيص وعلاج المسببات، الذي يمثل الطريق الصحيح للتخلص من ألم الأسنان، وليست الأدوية المسكنة وحسب.
– مسكنات الألم المخدرة: (Narcotics). ومثالها، المسكنات المحتوية على مادة الكوديين. وهذه المسكنات مناسبة جدا للآلام الشديدة.
ولا يمكن الحصول عليها عادة إلا بإذن الطبيب المختص والمرخص له بصرفها للمرضى. وتكمن مشكلتها في أنها قد تسبب الإدمان عند تناولها بكثرة، ولذلك يمنع استخدامها إلا في الضرورة القصوى.
وسائل التخدير
التخدير الموضعي.
هذه هي الطريقة التقليدية للتحكم في الآلام، ويمكن أن يكون المخدر بأشكال مختلفة في عيادة الأسنان، فقد يكون بصورة كريم (دهان) أو جيل (كمادة هلامية) أو بخاخ.
ويستخدم في غالبا أثناء عملية التخدير بواسطة البنج، حيث يوضع قبل الوخز بالإبرة للتخفيف من الألم أثناء عملية الوخز، وهناك نقطة مهمة يجدر الإشارة إليها، وهي أن الكثير من الناس يذهبون إلى الصيدلية لشراء المخدر الموضعي أثناء شعورهم بالألم في أسنانهم، ويعتبر هذا من الأخطاء الشائعة والخطيرة لأن هذا النوع من البنج يحتوي على نسبة عالية من المواد الدوائية وتؤدي كثرة استخدامها من دون استشارة طبية إلى الكثير من الآثار الجانبية، ومنها التقرحات في أنسجة الفم، ولذا يجب استخدامها فقط في حالة وصفها من الطبيب المختص في أوقات معينة فقط.
التخدير الكامل
وتعتبر هذه الطريقة من الطرق التقليدية في مجال الطب، أما بالنسبة لطب الأسنان فتستخدم هذه الطريقة في مجالات معينة مثل جراحات الوجه والفكين وأثناء علاج المرضى ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يمكن التحكم فيهم أثناء العلاج في عيادة الأسنان، كما تستخدم في علاج أسنان الأطفال.
والآن أصبحت هذه الطريقة نوعا من الرفاهية، فهناك من يبحث عن علاج جميع مشاكل أسنانه في زيارة واحدة من دون ألم.
وهذا ممكن، إذا ما تم تخدير المريض تخديرا كاملا. وينفر الكثير من الناس من هذه الطريقة لكونها خطيرة نوعا ما، مقارنة بالتخدير الموضعي ولكونها تحتاج إلى التنويم في مستشفى.
طرق بديلة
إن هناك طرقا أخرى بديلة عن التخدير الكامل في علاج الأسنان، حيث يمكن استخدامها في عيادة الأسنان، وتسمى «التنويم الجزئي» (conscious sedation)، وهي عبارة عن نوع من التخدير الذي يثبط الاستيعاب والإحساس بالمحيط من غير أن يؤثر في الوظائف الحيوية للجسم كالتنفس والبلع، ويتم فيها استخدام مجموعة من الأدوية، بعضها عقاقير طبية للحد من القلق أثناء العلاج، وبعضها أدوية مبنجة ضد الألم. ويتم حقن تلك الأدوية عن طريق الوريد.
وهناك طريقة تقليدية، وهي استخدام غاز الضحك (Nitrous oxide) والذي يعمل عن طريق استنشاق خليط من الأكسجين مع غاز النيتروجين. ويعمل هذا الخليط على استرخاء العضلات والأعصاب، ويبدأ وينتهي تأثير هذا الغاز بسرعة عند التوقف عن استنشاقه.
حقن وريدية
أسلوب جديد للتخدير عن طريق حقن الوريد. في هذه الطريقة يتم إعطاء المريض جرعة من عقار مخدر عن طريق الوريد، على أن يكون تحت إشراف طبيب تخدير وأن يتبع في عيادات أسنان متخصصة في مستشفى تتوافر فيه جميع سبل الإنقاذ في حالات الطوارئ، وقد طورت مجموعة من العلماء البريطانيين أسلوبا تخديريا جديدا وآمنا للاستعمال في جراحات الفم والأسنان التي كانت تستدعي في السابق تخديرا كليا، وهو الأمر الذي كان محفوفا بالمخاطر.
وأثبت هذا الأسلوب نجاحه بعد أن تم تجريبه على شريحة كبيرة من الأطفال، وكانت نسبة النجاح أكثر من90 بالمائة من دون أن يشعر أي منهم بأي ألم خلال إجراء الجراحة.
ويعتمد هذا الأسلوب على حقن المريض بعقار مسكن هو «ميدازولام» في الوريد، ويصحبه استنشاق غازين مخدرين هما «أكسيد النيتروز» و«سيفوفلورين»، وقد نشرت تفاصيل ذلك الأسلوب التخديري في تقرير في دوريه لمجلة أكاديمية «علم التخدير»، وأشار فريق البحث إلى خلو هذا الأسلوب من أي آثار سلبية، وتكمن أهمية هذا الأسلوب في أنه سيخفف من القلق الذي ينتاب المرضى من عمليات جراحة الأسنان، حيث سيتيح الأسلوب الجديد إجراء الجراحة كاملة، والمريض واع، ودون الشعور بأي ألم.
ما أنسب كل هذه الطرق؟
كل حالة لها طريقة مناسبة لها. فهناك حالات مصابة بالقلق والخوف الشديد من عيادة الأسنان، وهذا يرجع إلى أسباب نفسية مختلفة تحد من استجابة المريض وتعاونه مع الطبيب أثناء العلاج في عيادة الأسنان، وكذلك الأطفال الصغار في السن، أو الذين لا يمكن التحكم في علاجهم بالشكل الصحيح في عيادة الأسنان، وفي هذا الوضع، كما في حالات مشابهة يعتبر التخدير الجزئي بواسطة الغاز أو الحقن الوريدي مفضلا لأنه يساعد المريض وكذلك الطبيب في العلاج.
أما في الحالات الشديدة كما سبق وذكرنا وفي الحالات التي تتطلب عمليات كبرى لجراحة الوجه والفكين فيكون التخدير الكامل هو الحل الوحيد.
أما إذا كان المريض متعاونا أثناء العلاج، وتطلب علاج الأسنان بالطرق الاعتيادية فإن التحكم في الألم يكون بالطرق المعروفة والمتبعة في عيادات الأسنان.